خويادا/وكالات
بروكسل – أظهرت دراسة أجراها مركز بحوث تابع لجامعة بروكسل الحرة أن مباريات كرة القدم تحولت خلال عدة سنوات من ظاهرة رياضية إلى مساحة للتعرف على الهوية الوطنية لبلد ما، وذلك بدءاً من بلدان أمريكا الجنوبية حتى إيطاليا مروراً بإيران وبلجيكا
وتشير الدراسة، التي تمت على مدى سنتين، وعكف على إنجازها 15 باحثا جامعيا، إلى أن كرة القدم ليست مجرد لعبة رياضية تنطوي على الربح والخسارة، بل باتت واجهة تقف خلفها الكثير من التحديات السياسية والاقتصادية والمالية
وأوضح الباحث جان ميشيل دووايل، أحد المشرفين على الدراسة، أن التعاطف مع أي فريق يلعب دوراً إيجابياً في تحسين صورة بلاده على المستوى الدولي. وأعطى مثالاً على ذلك، بأنه “عندما تتغلب إيسلندا على إنكلترا، فهذه ليست هزيمة رياضية فقط للفريق الإنكليزي، بل هناك مصالح اقتصادية ترتبط، بشكل ما، بالنتيجة وردود الفعل عليها”
واثار الباحث دووايل، نقطة أخرى وهي مسألة إندماج اللاعبين، من أصول مهاجرة في الفرق الوطنية لكرة القدم، فـ”هذا ينعش النقاش الداخلي حول مسألة مكانة المهاجرين في المجتمع، كما نرى في فرنسا وسويسرا وألمانيا”
وجاء في نص الدراسة، أنه بسب الظروف السياسية الخاصة التي يعيشها العالم، باتت مباريات كرة القدم، فسحة من الوقت تستطيع الأمم خلالها النظر إلى نفسها وتقديمها للخارج، مع الإشارة الى أن الأمر يرتبط بالنتائج الإيجابية التي يحققها فريق ما
وأكدت الدراسة أن أهمية لعبة كرة القدم، باتت تصل نوعاً ما، لمستوى الاستحقاق السياسي، خاصة أمام تراجع اهتمام الناس بالانتخابات، متسائلة “متى يشعر الإيطالي أنه إيطالي فعلاً، أو متى يتعرف البلجيكي على هويته القومية؟”
وحول الحالة البلجيكية، حيث تسود توترات بين الشمال (الناطق بالهولندية)، والجنوب (الناطق بالفرنسية)، تحدثت الدراسة عن وجود آثار سلبية للإعجاب الشديد بفريق كرة القدم، حيث أن الناس في الشمال لا يظهرون حماس الجنوب نفسه وتعلقه بالفريق الوطني، والذي يضم، مع ذلك، لاعبين من الطرفين
وحذرت الدراسة سكان الجنوب من مغبة الإفراط في اعتبار فريق كرة القدم البلجيكي بمثابة “المنقذ” للهوية الوطنية، لأن “إعطاء الانطباع بأن هوية البلاد بين أقدام شبان في العشرين من العمر، يدل على أن بلادنا غير متواجدة إلا على الساحة الرياضية، وهذا سيخدم الشعوبيين فقط”.
وشددت الدراسة على وعي المواطنين للأرباح التجارية والمالية التي تجنيها الشركات الكبرى أثناء مباريات كرة القدم، مشيرة أن ذلك لا يمنعهم من الذهاب إلى الملاعب والاستمتاع بمشاهدة اللعبة والمشاركة في الاحتفال بعد فوز الفريق المفضل
ويأتي الإعلان عن هذه الدراسة في وقت تقترب فيه بطولة أوروبا لكرة القدم 2016، التي تقام في فرنسا، من مراحلها النهائية ويشتد فيها حماس الناس لفرقهم المتبقية داخل المنافسة
هذا وقد ازدهرت تجارة السلع التي تحمل الأعلام الوطنية وصورة لاعبي كرة القدم بكثرة في مختلف أنحاء العالم، هذا بالإضافة إلى استخدام صور أعضاء فريق كرة القدم في أي بلد في صناعة الإعلانات، ما يؤدي إلى تعامل الناس مع اللاعبين كأنهم نجوم حقيقيون